نسل جديد لفيراري

  • تاريخ النشر: الإثنين، 08 يوليو 2013 آخر تحديث: الثلاثاء، 08 فبراير 2022
نسل جديد لفيراري

تأكد حسان بشور بعد قيادته المطولة لـ فيراري FF أن هذه السيارة لا تكتفي بمواصفات متفوقة وحسب، بل تشكل بداية لنسل جديد من سيارات فيراري.. العائلية

في الحياة عموماً، يمر الإنسان بأيام سيئة لدرجة أنه يتمنى لو تمكن من البقاء في حالة نوم أو غيبوبة لعدة أيام على أمل أن تزول الأسباب الكامنة خلف هذا النوع من الأيام التي لن يود تذكرها. وفي المقابل، هناك أيام رائعة إن لم أقل مثالية. أيام يتم حفرها في ذاكرتك بحيث يصعب عليك نسيانها حتى ولو حاولت أن تدفعها الى القسم السفلي من عقلك الباطن الذي قد يتطلب طبيباً نفسياً ماهراً ليتمكن من الوصول اليها.

ومن هذه الأيام، يوم ذهبت لإستلام فيراري FF لإخضاعها لتجربة إمتدت عدة أيام. ففي ذلك اليوم، كانت الحرارة التي تسيطر على منطقة الخليج العربي في أواخر الصيف وبدايات الخريف، قد تدنت شأنها لدرجات الرطوبة العالية وهذا ما أشعرني بنوع من البهجة التي بدأت لحظة إستيقاظي من النوم وإستمرت لغاية وصولي الى مقر شركة الطاير للسيارات، وكلاء سيارات فيراري في الإمارات العربية المتحدة وتحديداً الى مكان إستلام FF الذي إلتقيت فيه بأحد مسؤولي فيراري لإرتشاف قهوتنا الصباحية، في وقت كان هدير بعض سيارات فيراري الصادر عن ورشة الصيانة الكائنة خلف مكان لقاءنا يتردد في أذناي ويبعث بي الى الإبتسام أكثر، خصوصاً أنني من محبي فيراري وبالأخص 458 إيطاليا التي تعتمد FF واجهة أمامية مشابهة لها.

ومع هذه الواجهة التي أرادت من خلالها فيراري أن تعزز إنتماء FF الى عائلة سيارات الحصان الجامح، لا يمكن للمرء إلا أن يتوقف لتأمل التفاصيل التصميمية الخاصة بهذه السيارة التي لم تكن يوم تقديمها، تمت بصلة الى إرث فيراري العريق في عالم السيارات السوبر رياضية، خصوصاً أنها خرجت عن تقليد المحرك الوسطي ـ الخلفي ومبدأ المقصورة المخصصة لشخصين والأهم من ذلك أنها كانت أول سيارة من فيراري لا تندفع «حصرياً» بعجلاتها الخلفية.

وهنا لم تكتفي FF بهذا التمايز. فعلى الرغم من إعتمادها على المعالم التصميمية لسيارات فيراري التي إنطلقت مع الشقيقة 458، إلا أنها شددت على تمايزها من خلال خطوط تبدو للوهلة الأولى وكأنها مزيج من سيارة الرجل الوطواط وبي ام دبليو Z3 كوبيه ولكن عبر سيارة تتميز بحجم خارجي كبير من كافة الزوايا وهذا ما يعزز حضور FF على الطريق وبالأخص عندما يتأملها المرء من الأمام حيث المقدمة الطويلة التي قامت فيراري بإعتمادها لتثبيت المحرك ولكن في وضعية متراجعة الى ما خلف المحور الأمامي بهدف ترجيح كفة الوزن بإتجاه وسط السيارة. وكما تنحني مقدمة الواجهة الأمامية نحو الأسفل لتسهيل إختراق FF للهواء على السرعات العالية، يتمتع الزجاج الأمامي بزاوية ميلان عالية تنتهي بخط سقف مقوس نسبياً ينحني في قسمه الخلفي الى الأسفل وينتهي بزاوية أخرى موفراً شكل سيارة هاتشباك من الخلف حيث تبرز معالم فيراري من جديد عبر مصباحين خلفيين دائريين يتوسطهما حصان فيراري المطلي بالكروم اللماع.

وعلى الرغم من أن FF تحمل جينيات سيارات فيراري التصميمية، إلا أنها تبقى غريبة المظهر وقد تطلبت مني، يوم قدمتها فيراري، بعض الوقت للتأقلم مع خطوطها. أما اليوم وبعد رؤيتي لهذه السيارة لأكثر من عام وتمضية أربعة أيام متواصلة معها، فأنا أشعر وكأن FF تملك روحاً خفية تجبرك بطريقة ما على النظر اليها من زوايا معينة لا يمكنك أن ترى من خلالها إلا تصميماً جميلاً.

وعلى صعيد آخر ومع تجربتي لعدد كبير جداً من السيارات السوبر رياضية، لم أتمكن إلا من تقدير الجهود التي تضعها الشركات الصانعة لهذه السيارات في سبيل الخروج بمقصورات ركاب مترفة ومميزة. وهنا، لا تشذ FF عن القاعدة كونها تعتمد خليطاً مترفاً من الجلود الفاخرة المعززة بمقاطع من جلود ألكانتارا التي أضافت اليها فيراري تلبيسات من المعدن المصقول والألياف الفحمية ولتجتمع هذه المواد في سبيل توفير مزيج متفوق من الأناقة والرقي والشكل الحسن لمقصورة قد تصل بك الى حدود رفض مغادرتها عند وصولك الى وجهتك. ولكن في مواجهة هذا الترف، لا يمكن للمرء إلا أن يتوقف عند بعض تجهيزات المقصورة التي لا تليق بسيارة من هذا المعيار. فمفاتيح تشغيل جهاز التكييف على سبيل المثال، تبدو وكأنها مستعارة من إحدى طرازات فيات الشعبية، في وقت جرى تزويد FF بجهاز ملاحة / موسيقى ذكرني بذلك الذي كان يتوفر في بعض سيارات كرايسلر لجهة تصميم شاشته ومفاتيح تشغيله.

وعلى الرغم من ذلك، تمكنت من التغاضي عن هذين التجهيزين لأن قسماً كبيراً من قرار شراء هذا النوع من السيارات يركز على الصورة التي تعكسها سيارات فيراري وعلى التأدية التي توفرها. ومن ناحية أخرى، لا تكتفي مقصورة FF بالترف المطلق والتصميم الجميل الذي لا تمل العين منه، بل تضيف الى ذلك مساحات داخلية كبيرة في الأمام وأكثر من معتدلة في الخلف، حيث قامت فيراري بخفض إرتفاع المقعدين الخلفيين المنفصلين عن بعضهما البعض بواسطة كونسول وسطي مرتفع، الأمر الذي وفر مساحات رؤوس خلفية جيدة تمكن أصحاب القامات التي تراوح بحدود 180 سم من الجلوس براحة لا يعترضها شئ سوى المساحة المعتدلة المخصصة للأقدام.

ولتحريك FF، قررت فيراري أن تعتمد على محرك V12 بسعة 6,2 ليتر يمكنه توفير قوة 660 حصاناً عند وصوله الى 8000 دورة في الدقيقة سيتوجب عليك خفضها الى 6000 دورة في الدقيقة كي تتمكن من إستخراج الحدود القصوى لعزم الدوران البالغ 683 نيوتن متر. وعلى الرغم من حجم FF الكبير، إلا أن محركها قادر على إيصالها الى سرعات عالية جداً ومن دون أن يلاحظ سائقها ذلك، خصوصاً أن قيادتها سهلة للغاية. فمقودها خفيف وسريع ومباشر ويكفي أن تلفه بالإتجاه الذي تريده لتسير FF نحوه بسرعة وثبات يساعدها في ذلك مقدمة طويلة لا تعاني من وزن المحرك ذلك أن هذا الأخير مثبت الى أقصى الخلف، مما يعني غياب شبه كلي لإنزلاقات المقدمة تحت تأثير التسارعات المفاجئة عندما لا يكون المقود في وضعية مستقيمة.

ومن ناحية أخرى، يطلق محرك الأسطوانات الـ 12 قواه بإتجاه العجلات الخلفية بنسبة 80 بالمئة معتمداً على علبة تروس من 7 نسب أمامية متزامنة تعمل بقابض فاصل مزدوج وتتميز بسرعة إستجابتها وسلاسة نقلها للنسب سواء كان السائق يعتمد التبديل الأوتوماتيكي أو اليدوي من خلال العتلتين المثبتتين خلف المقود. أما الـ 20 بالمئة المتبقية من قوى المحرك، فيتم نقلها من كامات المحرك مباشرةً الى العجلتين الأماميتين عبر علبة تروس صغيرة تتألف من نسبتين أماميتين وأخرى خلفية تعمل بقابضين فاصلين زلقين (واحد لكل إطار) يفاضلان في توزيع القوة بين عجلتي المحور الأمامي. وهنا تقول فيراري أنها لو إعتمدت على ترس تفاضلي وسطي تقليدي، لكان إزداد وزن FF الإجمالي بمعدل 50 كلغ.

ومع هذه المعطيات، يمكن القول أن FF إكتسبت مستويات ثبات إستثنائية جداً وبالأخص عند تحويل مفتاح جهاز مانيتينو الى المعيار Sport. حينها وتحت تأثير الضغط على دواسة التسارع، ستتوقع أن القسم الخلفي لا بد من أن يصل الى مكان سيبدأ معه الإنزلاق الخلفي. ولكن ذلك لا يحصل في معظم الأوقات لأن إلكترونيات FF تتحسس إمكانية بدء الإنزلاق الخلفي وتبدأ بإرسال القوة الى العجلتين الأماميتين اللتين تعملان حينها على تثبيت السيارة وتحسين توجيهها وتحوّل إمكانية إنزلاقها الى حركة أمامية تشعر السائق أن سيارته لا تكتفي بقوة الدفع من الخلف الى الأمام، بل تضيف اليها شعوراً بأن هناك قوة تسحب السيارة بإتجاه الأمام أيضاً. أما العزم الموجه، فهو شبه غائب لأن القابضين الفاصلين المخصصين للإطارين الأماميين يتحكمان بقوة الدفع الواصلة الى كل إطار ويلعبان دور الترس التفاضلي الأمامي ولكن من دون تعريض الإطارين الأماميين للعزم الموجه.

وعلى الرغم من الروح الرياضية التي تتحلى بها FF ومنها قدرتها على التسارع من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في خلال 3,7 ثانية والوصول الى سرعة قصوى تراوح في حدود 335 كلم/س، إلا أن هذه السيارة تزن 1790 كلغ هذا إن دل على شئ، فهو يشير الى أن الغرض منها لا يتمثل بتكسير الأرقام القياسية للسرعة ومن هنا، يمكن لكل محبي السيارات الرياضية أن يتأكدوا أن FF لن تتمكن يوماً من تحقيق ما توفره شقيقاتها 458 أو 599، خصوصاً أن FF ليست عبارة عن فئة شوتينغ برايك من أي من هاتين السيارتين، بل هي سيارة مستقلة بحد ذاتها يمكنها أن توفر أحاسيس مميزة ومختلفة لا تحصل عليها إلا من سيارة تحمل حصاناً جامحاً على واجهتيها الأمامية والخلفية ولكنها في الوقت نفسه لن توفر يوماً ما توفره شقيقاتها. فهي بكل بساطة مصممة لنقل أربعة ركاب في جو من الترف والفخامة والروح الرياضية وتبعاً للأسس التي تعتمد عليها شركتها في صناعة السيارات.

وفي هذا السياق، لا بد من العودة الى المقصورة التي تتميز برحابة جيدة يعود السبب فيها الى قاعدة العجلات التي تعتمدها FF التي لا تزال تحافظ على البنية المصنوعة من الألومنيوم والتي يزيد طولها بمعدل 40 ملم عنه لقاعدة 612 سكاغلياتي وهذا ما مكن FF من التحلي بـ 490,7 و195,3 و137,9 سم لكل من طولها وعرضها وإرتفاعها على التوالي. ومع الإستغلال الذكي للمساحات وطريقة توضيب مكونات السيارة، لم تتمكن فيراري من زيادة حجم التحميل في صندوق الأمتعة الخلفي الى 450 ليتر وحسب، بل تمكنت من وضع خزان وقود قادر على إستيعاب 91 ليتراً من الوقود، مما يعني إمكانية السفر بـ FF لمسافات طويلة وبراحة أكثر من معتدلة، خصوصاً أن هذه السيارة قادرة على أن تكون مريحة عندما تريد ذلك منها يساعدها في ذلك تعليق مزود بمعايير راحة متقدمة.

أخيراً، لا بد من القول أن أكثر من يثير الإهتمام في هذه السيارة هو أنه لا منافس حقيقي لها ، مع العلم أن الجميع يقولون أن أقرب سيارة اليها هي بنتلي كونتيننتال GT التي أعتقد شخصياً أنها لا تنافس FF. فهي أثقل وزناً وتندفع بعجلاتها الأربع بشكل مستمر ولا توفر متعة القيادة التي توفرها FF. وعلى الرغم من أن تجربتي لهذه السيارة لم تشمل قيادتها على حلبة مغلقة ما، إلا أنني غير نادم على ذلك لأن هذه السيارة تنتمي في الأساس الى فئة السيارات السياحية (GT) وفي ميدانها هذا، تسجل FF مجموعاً متفوقاً.

«تملك FF روحاً خفية تجبرك بطريقة ما على النظر اليها من زوايا معينة لا يمكنك أن ترى من خلالها إلا تصميماً جميلاً لسيارة ذات حضور لافت»

«خرجت FF عن تقليد المحرك الوسطي ـ الخلفي ومبدأ المقصورة المخصصة لشخصين والأهم من ذلك أنها كانت أول سيارة من فيراري لا تندفع «حصرياً» بعجلاتها الخلفية»

«تمكنت من التغاضي عن مفاتيح التكييف وشاشة الملاحة لأن قسماً كبيراً من قرار شراء هذا النوع من السيارات يركز على الصورة التي تعكسها سيارات فيراري وعلى التأدية التي توفرها»

«يمكن للجميع أن يتأكدوا أن FF لن تتمكن يوماً من توفير ما تقدمه شقيقتيها 458 أو 599، خصوصاً أنها ليست عبارة عن فئة شوتينغ برايك من أي منهما»

المواصفات

فيراري FF

الأرقام

6,2 ليتر ـ 12 أسطوانات بشكل V ـ دفع رباعي

660 حصان عند 8000 دورة في الدقيقة

683 نيوتن متر عند 6000 دورة في الدقيقة

من صفر الى 100 كلم/س: 3,7 ثانية

السرعة القصوى: 335 كلم/س، الوزن: 1790 كلغ

الإستهلاك: 12,8 ليتر لكل 100 كلم

الطول: 490,7 سم، العرض: 195,3 سم، الإرتفاع: 137,9 سم